الأحد الاول من شهر هاتور المبارك … القس نوفير قلادة

بسم الآب والابن والروح القدس إله واحد آمين

يحدثنا انجيل صباح هذا اليوم المبارك عن مثل الزارع، “خرج يسوع من البيت وذهب ناحية البحر ودخل السفينة والجمع كله واقف علي الشاطئ.”

          تفسير بعض الآباء خرج من البيت يعني ترك السيد المسيح السماء وجاء إلي عالمنا لكي يزرع السمائيات في قلوب الناس، فالبحر يرمز إلي العالم، والسفينة ترمز إلي الكنيسة سفينة النجاة.

         يوجد تأمل آخر للخدام يقول: إذا كانت الكنيسة هي منبر التعليم، ولكن توجد نفوس بعيدة عن الكنيسة تحتاج إلي كلمة الله، لذلك خرج السيد المسيح من البيت وذهب إلي الناس البعيدة لكي يعلمهم ليعطي مثل لنا في الخدمة.

وكان من عادة السيد المسيح أن يتكلم بأمثال كثيرة لكي يبسط الحقائق الروحية لتعليم الناس، وترتب الكنيسة في شهر هاتور أن يقرأ علي مسامعنا في الانجيل مثل الزارع (لوقا8: 4-15) لأن شهر هاتور هو موسم زراعة القمح في مصر، والبذار هنا ترمز لكلمة الله والأرض ترمز إلي طبيعة الناس:-

         يوجد طبيعة ناس كالبذار التي سقطت علي الطريق فتكون كالإنسان الذي سمح لنفسه أن يكون طريقاً منداساً، أي من يترك حواسه مفتوحة لكل دنس وفكره لكل أمر غريب يأتي الشيطان كالطير يخطف البذار ويأكلها.

         يوجد طبيعة ناس أخري كالبذار التي سقطت علي أرض محجرة فتكون كالإنسان المرائي الذي يظهر بصورة جيدة وداخله خطايا مدفونة، فالبذرة هنا تنمو بسرعة تقبل كلام الله لكنها ليست لها أصل فلا تستطيع أن تتحمل التجارب فتجف بسرعة.

         ويوجد نوع آخر من الناس كالبذار التي سقطت علي أرض بها شوك فتكون كالإنسان الذي ينمو في حب العالم وشروره وبالتالي لا يثق في الله ولا يدرك أنه ضابط الكل وتكون شهواته كشوك يخنق كلمة الله، لأن كل من حمل هم العالم وأنشغل به بعيدا عن الله فهؤلاء لا تثمر فيهم كلمة الله.

         ويوجد نوع آخر من الناس كالبذار التي سقطت علي أرض جيدة يأتوا بالثمر المطلوب ثلاثون وستون ومائة.

يقول القديس يوحنا ذهبي الفم:” بالرغم من علم الفلاح بطبيعة الأرض المختلفة إلا أنه لم يحرم الأرض من البذار”. لم يحرم الله يهوذا من سماع كلمته رغم علمه المسبق بطبيعة يهوذا، ويقال ان الرب يسوع قبله قبلة المصاحبة جاذبا إياه إلي التوبة.

خرج الزارع ليزرع:-

 س: ماهي نوع البذار التي نزل السيد المسيح ليزرعها؟!

ج: نزل يزرع فكره، سلوكه، فدائه لنا، سمائه وأبديته وحبه في قلوب الناس.

س: ماهو المطلوب مني عندما أسمع أنه خرج الزارع ليزرع؟

 أولا: أجهز أرضي لتعطي الثمر المطلوب، أنظر إلي عيوب نفسي وخطاياي وأحزن حزن مقدس بحسب مشيئة الله لينشئ توبة لخلاصا بلا ندامة وأغتسل في سر التوبة والإعتراف والتناول من الأسرار المقدسة لكي أصير أرض جديدة وخصبة.

ثانيا: أقيم علي أرضي أسوار حصينة وليس أسوار ضعيفة كما ورد في الكتاب المقدس: “جميع قلاعك أشجار تين بالبواكير، إذا انهزت تسقط في فم الآكل.” (نا 3: 12). المقصود هنا بالآكل هو عدو الخير، ولابد أن يكون في أسوار حصينة لتحديد معالم الأرض وحمايتها من عدو الخير، وأيضا ينبهنا معلمنا بطرس الرسول ويقول: “اصحوا واسهروا. لأن إبليس خصمكم كأسد زائر، يجول ملتمساً من يبتلعه هو.” (1 بط 5: 8).

ثالثا: لابد ان يكون هناك مناخ جيد لتنمو البذار في بيئة جيدة ويحدث هذا بالاحتماء بالكنيسة ووسائط النعمة وسماع كلمة الله.

رابعا: لابد أن تروي أرضك حتي لا تصير متحجرة، طوبي لمن يسمع ويعمل، مثل كرنيليوس قائد المئة عندما سمع التعليم من فم معلمنا بطرس انسكب عليه الروح القدس وأتت بالثمار المطلوبة (أع10).

         فبذلك تكون الأرض مقدسة للسيد المسيح وتأتي بالثمر المطلوب ثلاثون وستون ومائة.

ولإلهنا كل مجد وكرامة في كنيستة المقدسة من الآن وإلي الآبد آمين.